في أغلب الأحيان يصبح المراهق عنيد بسبب عند والديه. أسوأ
عبارة تقولها الأم لإبنها المراهق "أهو كده وخلاص". هذه العبارة ترن في
أذن ابنك على أنها انتهاك صارخ لشخصيته المستقلة. وأنت بالطبع تعرفين أنه في هذه المرحلة يشعر بذاته كثيرا ويهتم باستقلال شخصيته، فهو
يحاول أن يتصرف كشخص كبير، وأنت لا تعطيه أسباب أو داوفع، ولكنك تأمريه
وتنهى المناقشة بعبارة مستفزة مثل "أهو كده وخلاص".
إحساس ابنك بذاته، وشخصيته التي يحاول أن يستقل بها عن
الآخرين، هو في الغالب محور تصرفاته كلها. فهو عنيد حتى لا يمس أحد شخصيته
المستقلة، وهو عنيد حتى لا يملي عليه أحد ما يفعله وما لا يفعله، وهو
عنيد حتى لا يتدخل أحد في خياراته.. فكل الأمور تعود إليه وكل الكون يدور
حوله. هذا طبيعي جدا في هذه المرحلة.
لذلك عليكِ:
أن تستمعي لإبنك وتضعي نفسك مكانه: هو يتحايل عليك حتى توافقي
على ذهابه في رحلة مع أصدقاءه إلى الأقصر وأسوان مثلا، استمعي إليه،
واعرفي لماذا يريد أن يذهب. لابد أن يشعر أنك تقدرين رغباته وطلباته، حتى
لو كنت ترفضين أو لاتستطعين تلبيتها
أن تقولي الأسباب وتناقشي الحقائق: لا تظني أن ابنك سوف يسكت
لمجرد أنك رفضت طلبه بدون تقديم أسباب مقنعة. بالطبع أنت أمه وهو يجب أن
يسمع كلامك، ولكن هو لم يعد طفلا صغيرا، وهو في مرحلة صعبة تتكون فيها
شخصيته، لابد أن تدعمي قرارك بأسباب منطقية وتقوليها له، حتى توضح أمامه
الأمور، ومن ناحية أخرى تساهمين في بناء شخصية ابنك ولا تكوني من أسباب
هدمها أو تشويهها.
أن تكوني صريحة معه: إذا كان السبب هو عدم استطاعتك المادية
على دفع مصاريف الرحلة، كوني صريحة معه وقولي له هذا. لا تظني أن الأفضل
له ألا يعلم بحالة الأسرة المادية، على العكس. فجزء من بناء إحساسه
بالمسئولية هو إشراكه أحيانا في تفاصيل كهذه.
أن تمتنعي عن ترديد عبارات مثل: أهو كده وخلاص - كلامي لازم
يتسمع من غير نقاش - أنت تسمع الكلام وبس. بالطبع إذا كنت إلتزمت بالنصائح
السابقة وقدمتِ أسباب قرارك، فلن تحتاجين لترديد مثل تلك العبارات.
أن تتحدثي معه بهدوء وبصوت غير عالي: حتى لا تعطيه فرصة ليرفع
صوته. ابنك لن يعلو صوته عليك وأنت هادئة وتتكلمين بالمنطق. وإذا حدث،
فاقطعي الكلام فورا وأجلي المناقشة "لأن صوته عالي ويتكلم بطريقة وقحة".
مع الوقت سيتعلم ابنك أن يتمسك بالهدوء، حتى لا يغامر بالوقت الضائع في
تأجيل المناقشة مرة أخرى.
أن تفكري معه في الخيارات المتاحة، أو البدائل: لا تغلقي الباب
على فعل واحد فقط. فإذا عدنا للمثال السابق، أنك ترفضين ذهابه في الرحلة،
لابد أن تقدمي له بدائل أخرى، مثل وعد بقيام الأسرة برحلة قريبا. لابد أن
تعوضيه عما يشعر أنه حرم منه، حتى لو كانت الأسباب قد أقنعته.
إلعبيها بذكاء
تخلي عن عنادك أمام ابنك. فالموضوع بالنسبة له، قد يكون إثبات
وجود، ولكن بالنسبة لك لا يجب أن يكون كذلك، فأنت أكبر من هذا. أنت الأم.
فلا تتأثري شخصيا بعناده و"تأخدي المسألة على كرامتك". كما أنه دورك أن
تساعديه على إيجاد شخصيته وإثبات وجوده فعلا:
اشعريه بالمسئولية، ووكلي إليه بعض المهام التي يشعر فيها أنه يفكر ويقرر وينفذ.
شاركيه في قرارت الأسرة، واستمعي لرأيه دائما.
افتخري بابنك وبذكاءه وبطريقة تفكيره وشخصيته أمام الأقارب
والأصدقاء.. ليس من باب "ابني حبيبي بيسمع الكلام" ولكن من باب "سأحتاج أن
آخذ رأي ابني قبل أن أرد عليكم". فلا تحرجيه أمام الأقارب بقرارات مفاجئه
ونهائية تخصه دون العودة إليه.
لا تشتكي ابنك للناس والجيران والقريب والغريب.. لا تحكي كل
مشكلة وكل شجار معه للآخرين، فأنت بذلك تفقدين ثقته وتحرجيه. وهو ما لن
يقبل ولن يتفهمه.
كل هذا يحتاج مجهود، ووقت، وصبر.. من قال أن الأمومة أمر سهل؟
ولكن مهلا، إحسان التربية كأي شىء في الحياة يحتاج لمجهود ووقت، وهذا هو
دائما دور الوالدين الأول.
هل فات الأوان؟
إذا كنت تواجهين مشاكل مع ابنك العنيد الآن، فحاولي تنفيذ كل
ما سبق من نصائح، فلم يفوتك الأوان بعد. فقط، ابدأي بالتدريج، وخذي وقتك،
واصبري. ابني جسور التواصل والكلام والمناقشة مع ابنك. ولا تيأسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق